يا قضاة لبنان اعتكفوا
May 13, 2019
Back
  • يا قضاة لبنان اعتكفوا

لو كنتُ قاضياً لاعتكفتُ مع القضاةِ المعتكفين ،

ولو سئلتُ لماذا تعتكِف لأجبتُ بوضوحٍ انّ الاعتكافَ يهدفُ الى بناءِ دولة القانون لا أكثر ولا أقل. 

ولو سُئلتُ كيفَ يمكن بناء دولةَ القانون بمخالفة القانون  أي بالاعتكاف لأجبتُ ان الاعتكافَ يجعل السلطةَ السياسية ترفعُ يدَها غير المشروعة عن القضاةِ  الذين اولاهم الدستور السلطة الثالثة لكي يمارسوها بصورة مستقلة .

ولو سئلتُ أنّ ما تطالب به منصوص عليه في الدستور لاجبت ان ممارسة هذه السلطة يجب ان تتبعها قوانين تعزز سلطة القضاة واستقلاليتهم والسلطة السياسية تتهرب من اصدار م هذه القوانين خوفا من استقلالية القضاة.

ان القاضي المستقل المحمي قانونا، من انياب السلطة السياسية، يستطيع ان يعمل من احكام القانون امرا ملزما للجميع فلا تهرب ضرائبي ولا سرقة أموال عامة ولا تعدي على الأملاك العامة بحرية كانت ام مشاعات ولا تلزيمات تجري لمنافع السياسيين ولا توظيفات  لموظفين لايعملون ولا مثلها قبل الانتخابات ولا سمسرات في الكهرباء وفي الفيول اويل ولا احتكار في توزيع المغانم بين المتسلطين على السلطة ولا ارهاق لخزينة الدولة باية وسيلة ولا تلزيمات عشوائية مرهقة ولا كسارات او مرامل  من دون ترخيص  فالقاضي المستقل هو ضمير المجتمع وحاميه وهو الدولة بكل ما لهذه الكلمة من معنى. 

والقضاة المعتكفون يطالبون ، كما قرأت في بيان اعتكاف ناديهم  "باطلاق يدهم للشروع في استرداد الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد " فالسلطة السياسية تتطلع الى ترويض القضاة وجعلهم تابعين لها خوفا من اطلاق يدهم في مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة . 

ان معركة القضاة ليست كما يحاول البعض  تصويرها  بان غايتها المحافظة على  بعض التقديمات المادية وانما الى إعادة سلطة دولة القانون . فمن حق القاضي العيش بكرامة وهذا امر لا يرهق الدولة ولا حتى المواطنين بل على العكس فهو يعمل لاحقاق العدل وعليه ان يستمر طوال حياته المهنية في تطوير قدراته العلمية  ومواكبة التطور التكنولوجي والاجتماعي والثقافي وهو جهد ذاتي لا يلقى أي مقابل عنه . 

كما لا خوف على القضاة المستقلين من ان ينظفوا صفوفهم من ضعفاء النفوس  اذ انهم سيكونون اكثر تشددا مع زملائهم ممن اساء منهم الى قسمه . 

لو رفعت السلطة السياسية يدها عن القضاء لما كان رزح وطننا تحت وطأة الدين ولما خضع أيضا لاملاءات خارجية   مقابل تسليفه ولم يكن بحاجة  أيضا الى تخفيض رواتب قضاة وعسكريين و موظفين الذين بالكاد يكفي راتبهم من اجل العيش بكرامة.

أيها القضاة الشرفاء، اعتكفوا واستمروا في اعتكافكم فوحدكم تصنعون للبنانيين  املا في بناء دولة تخضع لاحكام القانون وتكافح الفساد وتعيد الأموال المسلوبة منها على مرّ السنوات. 


المحامي رمزي هيكل